رؤية 2030 والتوظيف في السعودية- نحو تحقيق أرقام صفرية للبطالة
المؤلف: عقل العقل10.20.2025

تُعد نسبة البطالة في المملكة العربية السعودية مؤشرًا اقتصاديًا واجتماعيًا بالغ الأهمية، ومن هذا المنطلق، أولت رؤية المملكة 2030 اهتمامًا بالغًا بهذا الملف، وحددت هدفًا طموحًا يتمثل في خفض هذه النسبة بحلول عام 2030. ومع مرور الأعوام، نقترب بخطىً ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف المنشود. وإذا ما استمرت السياسات المالية الحكيمة، وتدفقت الاستثمارات الأجنبية، وتعززت مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، فربما نشهد انخفاضًا تاريخيًا في معدلات البطالة وصولًا إلى أرقام صفرية.
غير أن تحقيق هذا الطموح يتطلب تكثيف جهود توطين الوظائف في القطاع الخاص بوتيرة أسرع من ذي قبل، مع تفعيل سياسات رقابية صارمة تضمن الالتزام ببرامج التوطين وعدم التحايل عليها. ومن الضروري تطوير وتسهيل شروط الالتحاق ببرامج التوظيف، مثل برنامج "جدارات"، لاستيعاب المزيد من الخريجين الجدد الراغبين في دخول سوق العمل. فعند النظر إلى الإعلانات الوظيفية التي تطرحها الشركات والهيئات الحكومية وشبه الحكومية، يثير الاستغراب عدم توظيف بعض الخريجين المؤهلين وانضمامهم إلى صفوف العاطلين عن العمل، وذلك بسبب اشتراط الخبرة المسبقة أو إتقان لغات أجنبية.
ومما لا شك فيه أن بعض الباحثين عن عمل يرفضون الرواتب المتدنية التي تعرض عليهم، ومن المؤسف أن الحصول على وظيفة براتب مجزٍ لا يرتبط دائمًا بالكفاءة أو المؤهل الدراسي، بل غالبًا ما تحكمه اعتبارات شخصية، وفي مقدمتها العلاقات والواسطة.
إن التوجه نحو تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على القطاع النفطي، من خلال إطلاق أنشطة اقتصادية جديدة، من شأنه أن يخلق ملايين الوظائف في القطاعات الواعدة، مثل قطاع السياحة والترفيه والصناعات المرتبطة بها.
لذا، نأمل في وضع سياسات توظيف وتدريب فعالة لتأهيل الشباب السعودي في هذه المجالات التي يمكن أن تستوعب أعدادًا هائلة من طالبي العمل. فبعض القطاعات تعتمد في تنظيم فعالياتها وبرامجها على شركات ومكاتب أجنبية متخصصة، قد تكون متميزة في عملها، إلا أن توظيف السعوديين غالبًا ما يكون في آخر قائمة أولوياتها.
إن الاستثمارات الأجنبية تلعب دورًا حيويًا في تنويع الاقتصاد الوطني، ونحن نرحب بجميع الشركات التي تفتتح مقرات إقليمية وفروعًا ضخمة لها في المملكة. ومع ذلك، يجب ألا نتردد في اشتراط نسب محددة لتوظيف المواطنين في هذه الشركات، مع الأخذ في الاعتبار أن الشركات الأجنبية قد ترحب بهذا التوجه لأسباب تجارية بحتة، حيث أن مسألة الرواتب المرتفعة لن تشكل عائقًا أمامها مقارنة بجلب موظفين من الخارج. ولكن المثير للإحباط هو أن بعض الشركات الأجنبية وبعض الشركات السعودية تفضل توظيف جنسيات محددة من دول الجوار برواتب أقل. لذا، يجب على الجهات المعنية تشجيع هذه الشركات وفرض نسب توظيف محددة عليها، وعدم ترك الأمر لضمائرهم. فمن يراقب المشهد الاقتصادي وسوق العمل يلاحظ هيمنة جنسيات معينة على بعض الأنشطة الاقتصادية، ومن الطبيعي أن تقوم كل جنسية بتوظيف أبناء جلدتها، خاصة في المناصب المتعلقة بالتوظيف وإدارة الموارد البشرية.
